تراث يمنيمنوعات

رحلتنا اليوم … في سماء شبام حضرموت…

**شبام هي بلدة أثرية ومركز مديرية شبام في محافظة حضرموت في شرق اليمن. تشكل المدينة المسوّرة التي تعود إلى القرن السادس عشر أحد أقدم النماذج وأفضلها للتنظيم المدني الدقيق المرتكز على مبدأ البناء العمودي. وتعود تسميتها “بمانهاتن الصحراء” إلى مبانيها البرجية الشاهقة المنبثقة من الصخور ، يبلغ تعداد سكانها 16094 نسمة حسب الإحصاء الذي جرى عام 2004.[1]

في 2 يوليو 2015 أضافت اليونسكو مدينة صنعاء القديمة وشبام على قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر. [2]

 

Shibam_Yemen_Interior

 

التاريخ
بنيت منازلها منذ حوالي 600 سنة، وأول من سكنها المشايخ آل باعبيد وآل باجرش وآل هويدي وآل باصهي وآل باسويدان وآل جبر وآل مصفر وآل باذيب وآل شماخ وآل لعجم وآل بلفقيه وآل مسلم والسادة آل بن سميط وآل الهدار والسلاطين القعيطي و الكثيري وغيرهم. ومن تاريخ باشراحيل إنه وقع وباء شديد في سنة 784هـ مات فيه خلق كثير من شبام منهم الشيخ محمد بن عبد الله بإجمال والشيخ عبد الرحمن بن عبد الله عباد، والشيخ عبد الله بن الفقيه محمد بن أبي بكر عباد، والفقيه عمر بن عبد الله بامهرة والفقيه أحمد بن أبي بكر حفص والفقيه ابن مزروع، ودام ذلك الوباء 4 أشهر ثم زال.
وأول من سكن شبام من السادة العلامة الجليل السيد عبد الله حسين العامري المتوفي بها 1171 هـ، ترجم له الشيخ معروف بإجمال بكتاب كامل اسماع مجمع البحرين، وأخوه الفاضل عمر بن زين المتوفي سنة 1207هـ، ومنهم القطب المجدد ابنه السيد العلامة أحمد بن عمر بن زين بن سميط. ومن متأخرى علماء شبام الشيخ سالم بن عبد الرحمن باصهي، وكان بها أربعة إخوان كلهم علماء هم أحمد ومحمد وعمر وعبدالرحمن أبناء أبوبكر باذيب، ومن كبار علمائهم ومصاقع شعرائهم الشيخ أحمد بن محمد باذيب المتوفى بسنغافورة في حدود سنة 1279 هـ، ومن علمائهم الشيخ عبد الرحمن حميد وابنه عبد الله، ومن أدبائهم وأكابر أولي المروءة منهم : الشيخ سالم بن عبد الرحمن باسويدان.

 

تقع مدينة شبام في الجمهورية اليمنية في محافظة حضرموت وتعتبر في قلب المحافظة حيث تقع بين مدينة سيئون ومدينة القطن وتبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 990 كيلو متر وعن عاصمة المحافظة المكلا 350 كيلومتر

 

تعد العمارة الطينية في مدينة شبام حضرموت والتي باتت تعرف بأول ناطحات سحاب من أبرز المعالم في اليمن، حيث تحظى باهتمام العديد من الباحثين ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستويين الإقليمي والدولي.. وقبل الدخول إلى صلب الحديث عن هذا المعلم نجد أن من المهم التعريف بمدينة شبام في البداية.
فشبام أول المدن التي تسمى شبام ذكر منهن في اليمن أربع هي شبام حضرموت في الشرق الساحلي وهي الأقدم وشبام حراز في الغرب والمرتفعات الغربية من الهضبة اليمنية والثالثة شبام كوكبان «أقيان» غرب شمال صنعاء وشبام الغراس في الشرق الشمالي لصنعاء.
أصل التسمية
وأطلق اسم شبام على هذه المدن «مثل معظم مدن ومناطق اليمن» نسبة إلى ملك أو قائد اختطها والمدينة التي هي موضوعنا.
«شبام حضرموت» أطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى شبام حضرموت بن سبأ بن وائل أو سبأ الأصغر أو سبأ الثاني الذي كان عصره ما بين القرنين الثاني عشر والحادي عشر قبل الميلاد وقد ذكر الهمداني أنها بنيت في القرن الـ12 قبل الميلاد ووصف شبام في صفة جزيرة العرب بقوله: «شبام مدينة حضرموت وسوقها.. الجميع قصبة حضرموت» وقال بعض المؤرخين أن التسمية الأصلية لها كان «شباه» على وزن «رماه» وذلك أن أهل شبوه نزحوا بعد تهدم شبوه إلى موقع مدينة شبام وسط وادي حضرموت فاختطوها وسموها بهذا الاسم وهذا القول قد لا يحتج بصحته في هذا المجال لعدة أسباب يعرفها علماء التاريخ والمهتمون. ومنها ما ذكره الهمداني وهو الحجة من أنها بنيت في القرن الـ12 قبل الميلاد وهي الفترة المقاربة لعصر الملك سبأ الثاني أو الأصغر هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن الكثير من علماء التاريخ اليمني يؤكدون في كتبهم أن مدن اليمن التاريخية تنسب إلى من بناها أو اختطها من ملوك أو أقيال أو أذواء أو كهان.
مالم يكن هو أطلق اسما آخر لها مثل ابن زياد في اختطاطه لمدينة زبيد حيث أطلق عليها اسم الوادي ولم ينسبها إليه. واسم شبام أطلق على هذه المدينة كون شبام بن حضرموت بن سبأ الأصغر أول بانيها. ان هذه المدينة التي أصبحت اليوم واحدة من ثلاث مدن هي: «صنعاء وزبيد وشبام حضرموت» التي أصبحت اليوم ضمن قائمة المنظمة الدولية «لليونسكو» كواحدة من مدن التراث الإنساني الذي يتوجب على العالم صيانتها والحفاظ عليها وليس على اليمن أو دول المنطقة وحدها.
دول متحضرة تقلد عمارتها
ولا عجب في ذلك فإن مدينة شبام بمبانيها الحالية وتقسيماتها ومكونات عمارتها البسيطة المتواضعة تمتد إلى قرابة الخمسة قرون. وأصبحت العمارة الطينية فيها وفي بعض مناطق اليمن الأخرى تقلد في أعظم بلدان العالم المتحضرة في عالم اليوم ومنها أمريكا بالذات.
إن العمارة الطينية أو عمارة اللبن المنتشرة في اليمن تكاد تكون في معظمها متجانسة ومتناغمة من حيث الصنعة «المادة» مع اختلاف كبير في التركيب والارتفاع.
إلا أن مدينة شبام حضرموت تفردت وامتازت على سائر العمارة الطينية من حيث أن جميع مبانيها من اللبن. كذلك من حيث الارتفاع والوظيفة والدور التاريخي.

320px-Shibam2
إبداع ومهارة
ولهذا ينطبق عليها القول أنها «مدينة المدن اليمنية» وأكثرها شموخا عانقت السحاب منذ العصور الغابرة ومبانيها فعلا ناطحات سحاب هي الأولى من نوعها على مستوى العالم أو أقدم ناطحات سحاب تتجسد فيها كل -أو تقرأ من خلالها معظم- عناوين القدرات والإبداعات للإنسان اليمني فهي آية من آيات الإبداع والمهارة الفنية للعمارة التي ما تزال وإلى أن يشاء الله أن تظل بفضل اعتزاز أبنائها بمعالم مدنيتهم وحضاراتهم وماضيهم مميزة في طابعها المعماري الأصيل وكل تفاصيله ومكوناته وجزئياته تظل تحكي للعالم أعرق طراز معماري شهدته حضارات الشرق القديم ويظل ارتفاع مبانيها الطينية محل إكبار وإعجاب.
حاضرة حضرموت
مدينة شبام حضرموت هي إحدى مدن وادي حضرموت لعبت دوراً شهدت أحداثاً تاريخية هامة بالنسبة لحضرموت ولليمن وللجزيرة قبل وبعد الإسلام واعتبرت حاضرة حضرموت وقصبتها منذ أقدم العصور كما ذكر الهمداني وكانت مدينة شبام أكبر وأوسع مما هي عليه الآن فقد ذكر الهمداني أنه كان بها 30 مسجداً في عصره والباقي منها اليوم لا يزيد على ثمانية ومعظم سكانها من كندة القبيلة اليمنية المعروفة وأشار الهمداني أن سكانها من بني فهد بن حمير وبنو فهد بن حضرموت بن سبأ.
دور متجدد
لقد كانت في العصر الإسلامي الأول بعد السنة العاشرة للهجرة مقراً لوالي حضرموت من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان أمر هذا الوالي وهو زياد بن لبيد كغيره من الولاة أي معاذ بن جبل رضي الله عنهم أجمعين: واستمرت كذلك حاضرة أقليم حضرموت حتى القرن العاشر الهجري وشهدت أحداثاً كثيرة خلال تلك الفترة منها خروج عبدالله بن يحيى الكندي من هذه المدينة ثائراً على الحكم الأموي 128هـ كما أنها كانت ملاذا وقاعدة لمقاومة الحكم العباسي وكانت كما يذكر المؤرخون مقراً لمذهب الأباضية ومركز انتشاره.
تاريخ مليئ بالأحداث
إن تاريخ شبام مليء بالأحداث العظيمة والتقلبات لذلك شهدت كثيراً من الحروب دمرت وتشعثت مراراً حتى لم تعد اليوم كما كانت مساحة واتساعا، ومع ذلك ظلت تلعب دوراً رئيسياً في الحياة الاقتصادية والتجارية لليمن حيث كانت منذ القدم مركزاً تجارياً هاماً بحكم موقعها البري البحري، فالقوافل التجارية إلى العراق والشام والحجاز تنطلق منها وكذلك إلى الهند والصين بحراً عبر ميناء الشحر.
إن هذه المدينة بقدر ما تمثل في مجموعها موقعاً وأثراً تاريخيا هو بمكان من اهتمام الباحثين الذين يسعون للكشف عن تاريخ دول وحضارات اليمن.
فإنها تمثل بمبانيها حاضرة جمعت بين كل مفردات الفنون المعمارية الطينية في معظم أو كل أرجاء الوطن اليمني في شماله وجنوبه مرتفعاته وسهوله وقيعانه رغم الفروق في بعض المفردات والوظائف والاستخدامات، فسور مدينة شبام الطيني تشترك فيه عشرات المدن التاريخية منها صنعاء وهو من أبرز معالمها اليوم ويحيط بها من كل الاتجاهات ليس له أبواب بل بابا واحدا أو فرجة واحدة تسمى «السده» وهي المدخل الرئيسي الوحيد للمدينة أيضا من أهم عالمها «السد» الكائن غربي المدينة المسمى سد الموزع هو عند ملتقى السيول ولا يزال قائما إلى اليوم.
Shibam_Yemen_Interior

320px-Shibam2                                                     800px-Shibam_door

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com