آراء وتقاريرالأخبارشاهدقلم لايساوم

رسالة أم ٌضحيانيه الى طفلها المكفن

* *

#رند_الأديمي

منذ ذلك اليوم الذي قررَ  فجرُ الحياةُ البزوغ في وجهك المولود ، أتذكر ذلك المشهد جيدا فقد  أغمضت عينيك بقوة ورفضت تلك الأشعه المتطفله …وقاومت الضوء  ثم أنكمشت باكياً للحظات!

قدرٌ عاثر  هو أن أنجبك في هذه القفار المعذبه والجغرافيه المباحة….

 ليس لي ذنبا وأنا التي حاولت مراراً حمايتك من مزاجية الشتاء عبر تلحيفك …. ودهنك المتكرر لكي لاتصاب بنزله برد!

كم كنت غبيه عندما ظننت أن أسوء مايمكن حدوثه لك هو نزله البرد!

وكم كنت أغبى عندما اتيت لك بالغداء الكامل لكي أعد بُناينك  لكي تصبحُ قوياً غضاً!

 كبرت ياولدي وتجاوزت الاعوام القليلة وكبر كل الاطفال في سنك ولكن

   كان الأطفال  الاخرين  يتسابقون في روضاتهم للتزلج أو أكمال حصص الترفيه والتلوين  في كل العالم.. وكنت ياصغيري المعذب  هنا تجوب المزارع لتبحث عن حبة تين ناضجة لتقاوم شوكها وبيدين تملؤها الدم تغسلها لأكلها بشراهة ….

وكانت تلك هي أقدارنا العيش في زقاق الريف المعذب نحصدُ بدونِ كاميرات

عدد الطائرات الأتية والعائدة منذ أعواما سحيقه وأصواتها المفزعة ….

حملت ياصغيري  سقم البشرية   قبل الموعد….

ظننت تلك الطائرة قادمة صباح رحيلك  انها ستقصفُ  الجبالَ العصيةُ

او تلك المزارع المحروقة من القصف مراراً

وعندما تيقنت أن الطائرات قد أنهالت على اجسادٌ لاتقاوم

هرعت لأراك فلم أرى منك سوى قميصا وبقايا جسد

وبكل لغات العالم حدثني الألم وحدثته فبكيت بالصوت وبالهمس وبالفاجعه وبالنحيب  وتوسلت الله ان ينظر ألي ويفاجئني بأنها كانت مزحة …

أعده يالله هكذا حدثته

لم اكفر حينها عندما خاطبتُ ألهي همساً قائلة: أعرف أنه لازال ينتفس في وسط الركام والجُثث

ولكنني تفاجئت أنك  الضحيةُ وانت الضحية منذ البدء

أعيش الأن بنص وعي أبحث في الجدران عن ذكرياتك عن أول حرف نطقت به …

وطريق حبوك وتعثرك!

و ألطخ وجهي بالدمع وعند ذروة الألم أرش المياة الباردة على مسام روحي المتعبه ولا أصحو!

ثم

وبعد أن لم أتمكن من رثائك جيدا قررتُ  أعتزال الضوء وبزوغ الفجر الذي انهال على خدك المولود

لأعيش هنا  بنصفِ جسد

فعذراً ولدي

#رند_الأديمي

رند الاديمي

ما أمر مواعظ السعداء علي قلوب التعساء ..وما أقسي القوي حين يقف خطيبا بين الضعفاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com